Bloomberg view - ترجمة بلدي نيوز
يعلم أعضاء الكونغرس الأمريكي تماماً أن الاتفاق النووي مع إيران لم يتم دون قيود أو شروط، ولكنهم لم يعرفوا تماماً عددها.
فعندما قدمت الإدارة الأمريكية الاتفاق إلى الكونغرس، قال المشرعون أن فرض عقوبات جديدة على إيران من شأنه أن ينتهك الاتفاق، ولذلك تحاول الإدارة الآن تجنب الحكم الذي صدر مؤخراً لتشديد القوانين على تأشيرات أولئك الذين زاروا إيران سابقاً.
ومنذ ان أقر الاتفاق النووي في الصيف الماضي، ركزت الولايات المتحدة على الالتزام حتى النهاية بالصفقة، الأمر الذي قد خسف علناً بجهودها للضغط على ايران.
في ذلك الوقت، اعتقلت السلطات الإيرانية اثنين يحملان الجنسيتين الأمريكية والإيرانية، وحكمت على ثالث، كما يقول معظم المراقبون، بتهمة التجسس، كما أجرى الجيش الايراني اثنين من التجارب الصاروخية، واحدة منها قالت الامم المتحدة عنها أنها انتهكت العقوبات، كما شاركت في هجوم جديد مع روسيا على سوريا لدعم ديكتاتور البلاد (بشار الأسد).
وفي أحدث مثال على جهود الولايات المتحدة لطمأنة إيران، سعي وزارة الخارجية الأمريكية جاهدة للتأكيد لإيران أنها لن تفرض قيود جديدة من شأنها أن تزيد التدقيق على الأوربيين الذين زاروا إيران ويخططون لزيارة أمريكا.
فالقلق يجتاح الأوساط الإيرانية أن يؤدي مشروع قانون الكونغرس الذي ينص على تشديد شروط السفر إلى الولايات المتحدة بدون تأشيرة، إلى إعاقة رجال الأعمال الذين يسعون لفتح مشاريع جديدة في إيران حالما يتم رفع العقوبات.
وأكد مسؤولون أمريكيون في مطلع الاسبوع أن وزير الخارجية جون كيري قد أرسل رسالة إلى نظيره الإيراني، جواد ظريف، واعداً إياه باستخدام الصلاحيات التنفيذية لتجنب تطبيق القيود الجديدة على أولئك الذين زاروا إيران و(لكنهم مواطنون من الدول المشمولة في برنامج الإعفاء من التأشيرة).
وقال هؤلاء المسؤولون أيضاً أنهم أبلغوا الدبلوماسيين الإيرانيين ذلك، لأن هذه الأحكام الجديدة لا تحدد إيران فقط، وبذلك لا تنتهك بذلك أي تفاصيل مبرمة في الاتفاق، ومع ذلك فإن وزارة الخارجية الأمريكية قد وعدت بالتحايل على القانون الجديد.
القضية تدور حول مشروع قرار وافق عليه مجلس النواب الأمريكي بأغلبية ساحقة الثلاثاء، للحد من امتيازات معينة للسفر لمواطني 38 دولة أجنبية، وهم من المعفيين من تقديم تأشيرة لدخول الولايات المتحدة.
أما الآن فسيتطلب من المسافرين الأوربيين الذين زاروا بعض البلدان بما في ذلك إيران والسودان وسوريا والعراق – التقديم على السفارة الأميركية للحصول على تأشيرة قبل مجيئهم إلى الولايات المتحدة.
وقال العاملون في البرلمان، أن إدراج إيران على قائمة الولايات المتحدة _ كان لأنها دولة راعية للإرهاب بدعمها المفتوح لحزب الله وحركة حماس، ولم يعترض البيت الأبيض على القرار إلا عندما أخبرته الحكومة الإيرانية أن مشروع القانون من شأنه أن ينتهك الاتفاق النووي، وفقاً لمراسلات على هذه المفاوضات اطلعت الصحيفة عليها.
ومنذ عام 2013، عندما بدأت المفاوضات المفتوحة مع إيران، حذرت إدارة أوباما الكونغرس مراراً وتكراراً من أن يفرض عقوبات إضافية على الجمهورية الإيرانية الاسلامية لأن ذلك سيؤدي الى تقويض المفاوضات.
ويلزم الاتفاق النووي الغرب برفع العقوبات عن إيران في مقابل مزيد من الشفافية وفرض قيود على البرنامج النووي الإيراني، ويبدو أن البيت الأبيض وإيران فسرا "رفع العقوبات" على نطاق أوسع مما كان يتوقع الآخرون.
يقول مارك دوبواتس، مدير منظمة الدفاع عن الديمقراطيات وخبير في العقوبات الإيرانية: "إن لم يستطع الكونغرس الأمريكي تطبيق إجراءات التقييد على التأشيرة لأولئك الذين يسافرون إلى الدول الراعية للإرهاب مثل إيران، فإن إيران بذلك سوف تقيد أيدي المشرعين إلى حد أكبر بكثير مما يقلق منه منتقدي الاتفاق النووي".
وقال جواد ظريف، وزير إيران للشؤون الخارجية في مقابلة مطلع الأسبوع مع صحيفة" المونيتور": "إدراج إيران في القائمة الموضوعة من قبل الولايات المتحدة قد يشكل انتهاكاً للاتفاق النووي"، كما وصف القيود الجديدة بـ "السخيفة" لأنه لا صلة لأي إرهابي ممن تورطوا في هجمات باريس الإرهابية بإيران.
مضيفاً: "هذا الحكم سيرسل إشارة سيئة للغاية للإيرانيين _ بان الولايات المتحدة عازمة ومصرة على السياسية العدائية تجاه إيران، مهما كانت الظروف".
هذه القضية حساسة بشكل خاص لوزارة الخارجية الأمريكية: لأن على إيران أن تنفذ جانبها من الصفقة، فالقيود الجديدة على البرنامج النووي ستبدأ في الأسابيع المقبلة، وقال مسؤولو وزارة الخارجية أنهم يخشون محاولة بعض العناصر المتشددة للنظام في طهران إفشال الصفقة لتحقيق مكاسب سياسية ضد الرئيس حسن روحاني، الذي تفاوض مع الإدارة الأمريكية.
وفي شهر شباط، ستجرى في إيران انتخابات برلمانية لمجلس صيانة الدستور، العالي النفوذ، حيث تقوم لجنة من رجال الدين باختيار المرشد الأعلى لإيران بعد آية الله علي خامنئي، ولكن إن فازت العناصر المعادية للصفقة بالانتخابات، فإن مستقبل الاتفاق النووي سيكون قاتماً.
هذه العوامل كلها، تفسر لماذا كان كيري على استعداد للتغاضي عن الاستفزازات الإيرانية الخاصة، فيما يحاول تخفيف ما تراه إيران كاستفزازات من الكونغرس الأميركي، كما أنها تفسر لماذا تبدو إيران عازمة على استفزاز الولايات المتحدة، في الوقت الذي من المفترض أنها تنفذ الصفقة التي وافقت عليها.